سيف الدولة حمدناالله زائر
| موضوع: من هو ود المامون؟ دولة الفريق طه !! الخميس نوفمبر 02, 2017 12:59 pm | |
|
صدق الذين وصفوا مدير مكتب الرئيس الفريق طه عثمان بأنه بات أقوى رجال الإنقاذ، فللرجل من النفوذ والجبروت بحيث لا يستطيع أجعص كوادر النظام أن يذكر إسمه بخير او شر ولو في جلسة خاصة وفي غرفة مغلقة، برغم أن الوضع الفعلي لوظيفته لا يزيد عن كونه "سكرتير"، وهو في الأصل ضابط إداري كانت مهمته تحصيل القِبانة ببلدية بحري قبل أن يلتحق بجهاز الأمن ومنه بمكتب الرئيس، وفي هذا يكفي القول بأن "طه" كان السبب وراء أن ينتهي شخص في قوة ونفوذ "صلاح قوش" داخل حراسة متر في مترين، وهو الذي كان حين يصل عند بوابة مبنى جهاز الأمن الخارجية في يوم من الأيام يستوي مثل "طه" في مكتبه ويشِد جسده في وضعية الإنتباه. خطأ الفريق طه أنه جعل إسمه يرتبط بشخصين يحوم حولهما لغط كثير، أيمن المامون وشيخ الأمين، أمّا أيمن وشهرته "ودالمامون، فهو شاب صغير السن أصبح من أثرى أثرياء السودان اليوم، ومن المؤكّد أن "ودالمامون" وحتى تاريخ وفاة والده قبل بضعة سنوات، كان عاطل وعلى باب الله، وأقصى ما كان يحلم به هو أن يجلس على دركسون عربة أمجاد، وفي ليلة مأتم والده حضر الرئيس البشير لتقديم واجب العزاء بحكم صلته بالمرحوم كزميل سابق في الجيش وإبن دفعته، وهناك علم الرئيس بضيق حال الأسرة، فربّت على كتف "أيمن" في حنان وتأثّرٍ بالغين وقال له: "من اليوم سوف أعتبرك إبني". أيّاً كان ما قصده الرئيس، إلاّ أن "ودالمامون" أخذ كلامه بالمعنى الذي جعله يعتبر من نفسه "ود بيت"، فأخذ يتردد على منزل الرئيس حتى يُخال للزائر أنه فرداً من الأسرة، وقد يسّر له هذا الوضع معرفة أصدقاء جُدُد منهم وزراء ومستشارين وأصحاب قرار عِوضاً عن أصدقائه القدامى الذين كان يتسكّع معهم في حواري بحري، وإستطاع أن يتحصّل بهذا الطريق على ورقة بها "تصديق" بتوريد شحنات من القمح والدقيق بكميات كبيرة، وبالنظر إلى عدم توفّر السيولة اللازمة لديه لتنفيذ مثل تلك التعهّدات، كان يكتفي بالحصول على عمولة في مقابل تسليم التصديقات كورق لوسطاء وسماسرة يتولّون تنفيذ - ولا يزالون - عمليات الإستيراد بمعرفتهم عبر شركة مُسجّلة خارج السودان، وجنى بهذه الطريقة مع شركائه مبالغ طائلة، وهو اليوم على رأس قائمة أثرياء السودان، ويستطيع اليوم توريد عشرة بواخر دقيق وقمح في وقت واحد بإشارة من طرف أصبعه، ولا يُذكر اليوم إسم "ودالمامون" إلاّ وإسم الفريق طه عثمان مرتبطاً معه إرتباطاً لا يقبل التجزئة. أمّا ثاني الإثنين، فهو شيخ الأمين، والأصل، أنه لا غرابة في أن يكون لشخصية عامة في دولة مثل السودان شيخ يتّبع طريقته مهما كانت غرابتها، فهناك سياسيون كبار غاية ما يطمحون إليه أن يحملوا حذاء من يعتقدون في صلاحهم ويضمّونه إلى صدرهم (الحذاء لا صاحبه)، كما أن هناك رؤساء في العالم الغربي يستعينون بدجّالين وقارئات الكف والفنجان لمعرفة الطالع وطرد النحس والحسد، بيد أن كل ذلك يتم في الخفاء ودون مُجاهرة وبعيداً عن ديوان الدولة. مشكلة الفريق طه أنه وبرغم سنّه ومكانته إختار لنفسه "شيخ" أفرنجي وغريب الأطوار، يتراصْ الشباب أمامه في ركوع وسجود وهم يتسابقون فيما بينهم لتقبيل حذائه، كما أن "الأمين" ليس فيه من سِمات الشيوخ بخلاف الملفحة الخضراء التي ريمي بها على كتفه، فهو - بإعترافه - لا يحفظ شيئاً يُذكر من القرآن، ويَلحَن في قراءته، حتى أن مضيفه في مقابلة تلفزيونية إضطرّ إلى تصحيحه أكثر من مرة وهو يستشهد بآيات من القرآن الكريم، وبخلاف الفتنة التي تسبب فيها هذا الشيخ وسط الحي الذي يسكن به في أمدرمان، وخطره على أمن المجتمع في ضوء موقف جماعات دينية أخرى من سلوكه الذي يصل إلى حد تكفيره، كان واجب سلطات الدولة التصدي له من تلقاء نفسها ومناقشته للوقوف على مشروعية أفكاره. ما كان ليعني أحد أن يُصبح الفريق طه من حواريي هذا الشيخ لو أنه كان قد فعل ذلك بصفته الشخصية وفي أوقات فراغه وبعيداً عن صفته كمسئول حكومي بالقصر الرئاسي، ولكنه فعل عكس ذلك، فقد إستغلّ موقعه في إبطال قرار معتمد محلية أمدرمان بإغلاق المسيد الذي يُقيم فيه هذا الشيخ نشاطه بموجب شكوى وصلت إليه من سكّان الحي، وقد ذكر هذه الحقيقة الشيخ نفسه في المقابلة التلفزيونية التي يرد ذكرها لاحقاً، ثم مضى "الفريق حُوار" إلى ما هو أبعد من ذلك بإصطحابه لشيخه في مهمة رسمية إلى خارج حدود لوطن، بيد أن الفريق طه لم يحسب حساب للسان شيخ الأمين الذي فضح نفسه وفضحه معه بما رواه عن ظروف وملابسات تلك الزيارة بحسب ما ورد في مقابلة تلفزيونية لم تذاع وجرى تسريب مقطع منها عبر شبكة الإنترنت. في هذا المقطع يقول شيخ الأمين مخاطباً مُضيفه: "أنت تعلم أن علاقتنا بالإمارات علاقة بايظة بسبب السياسات المعروفة، والفريق طه قال لي ياخي أنا بعرف أنه علاقتك بالإماراتيين ديل سمحة، وأنا عايز أعمل حاجة إسمها الديبلوماسية الشعبية، يعني بالواضح عايزك ترجّع العلاقات، وقلت ليه ما عندي مانع، وطوالي الفريق طه ساقني للرئيس الذي بارك الموضوع، والرئيس ضرب لينا مَثَل في موضوع الديبلوماسية الشعبية قال إنه أمريكا واليابان كانوا "متشاكلين" ليهم زمن وما قِدروا يرجعوا العلاقات إلاّ بمباراة في لعبة "البينق بونق". أها، أخذنا جواب من الرئيس وسافرنا أنا والفريق طه وقابلنا الأماراتيين ورجّعنا العلاقات وحتى ضغطنا عليهم شديد لحدي ما خلينا الرئيس مشى ليهم هناك". قبل ظهور هذا المقطع، لم يكن لأحد أن يصدّق أن هذه هي الطريقة التي تُدار بها دولة ترفع لنفسها علم بين الأمم، ولعل في هذا المنهج ما يُفسّر الكيفية التي أُتُّخذت بها القرارات التي إنتهت بما حاق البلاد، مثل إلغاء زراعة القطن وإستبداله بالقمح والفواكه بمشروع الجزيرة، ويكشف عن الطريقة التي يتم بها تعيين الوزراء وسفراء الدولة، فقد روى لي سفير سابق أن السبب في تعيين السفير عبدالحليم عبدالمحمود (أو العكس) كمندوب دائم بالأمم المتحدة يرجع إلى أن الرئيس شاهده وهو يعترض في هياج وعصبية على قرار أثناء إجتماع في دوائر الإتحاد الأفريقي يناقش موضوعاً عن السودان، وبعد فترة من ذلك طُرح موضوع تعيين مندوب السودان بالأمم المتحدة فقال الرئيس لوزير الخارجية: أريدكم أن تعينوا السفير "أبوتفّة" في هذا الموقع. كما بهذه العقلية جرى النصب على الدولة بواسطة محتالين من بينهم إمرأة قامت بزيارة السودان في التسعينات بدعوى أنها أميرة مملكة ترينداد (لا توجد مملكة بهذا الإسم) وجرى إستقبالها على أرفع المستويات وفيما بعد إتضح أن عصابة دفعت لها 500 دولار لتقوم بهذا الدور.
هذا درس جاء يسعى بقدميه حتى يفهم شعب السودان الكيفية التي تُدار بها شئون دولته، ثم يأتي من يبشّرك بأن تقوم للبلد قائمة بنظام تديره مثل هذه العقليات.
|
|