الطوفان الوزاري...وشعب يعانى بقلم : عبدا للطيف السيد كامل
Jul 31, 2010, 20:26
أخيرا حانت ساعة دفع الفواتير والمكافآت فقد انتظر الشعب لأكثر من شهر بعد إعلان نتائج (انتخابات ) شكك الكثيرون في نزاهتها وهى التي أفرزت برلمانا لا يمكنك أن تجد مثله في اى بلد آخر يدعى انه ديمقراطي يحتكم لصناديق الانتخابات ! كيف ولا أكثر من 90% من نواب البرلمان (المنتخب) إما من حزب المؤتمر الوطني الساعي لإسباغ شرعية على حكمه والذي بدأه الانقاذيون بردة على ديمقراطية حقيقية رغم مثالب من حكمونا في عهدها فالانقلابيون ولثلاث مرات في خلال اقل من نصف قرن قد سلبوا الحكم والسلطة والجاه بقوة السلاح .
إن شعبنا صبور مسالم ولكنه غير مستسلم وشتان الفرق بين السلام والاستسلام. رغم تقبل شعبنا المسالم الطيب لنتيجة انتخابات لا نريد تكرار ما وجه لها داخليا وخارجيا فان الشعب ظن أن (العترة بتصلح المشى) فانتظر تكوين الحكومة (الجديدة) وهو يعلم انه في أغلب الظن أنها ستنقضي بعد استفتاء الجنوب ولم يحسن قادتنا سرعة انجاز تكوين الحكومة كما تفعل الحكومات الديمقراطية الحقة التي يتضح لديها الخيط الأبيض من الأسود . بمجرد ظهور النتيجة في اليوم التالي لانتهاء الانتخابات فهي لا تحتاج (لتعديل وطبخ) ويتم تشكيل الحكومة بعد مشاورات لم تستغرق أسبوعا خرجت بعده الحكومة البريطانية الجديدة بقيادة ديفيد كاميرون المحافظ لتحل محل جوردن براون العمالي وبدأت مزاولة عملها قبل أسابيع وبدأت التقدم لحل مشاكل بلادها وهى التي كانت الانتخابات التي أتت بها قد تلت انتخابات بلادنا بأكثر من أسبوعين وبدأت محاسبة المخطئين في الأسبوع الثاني من تكوينها حيث كشفت الصحف(المملوكة للشعب لا للدولة وأجهزتها) ان وزير المالية من حزب الديمقراطيين الأحرار الشريك (الحقيقي لا المناكف والمشاكس كما عندنا) كشفت الصحف انه وخلال أربعة أعوام قد انفق أربعين ألف جنيه فقط لا مليارات من الجنيهات ويهرب سارقوها عندنا من جوكيه وغيرهم للخارج دون عقاب
الديمقراطية أو سمها ما شئت هي حكم الشعب بواسطة الشعب لأجل الشعب لا خنق وتجويع الشعب في محمله لإسعاد أقليته وكأن الحكم ملكي رجعى أو عشائري قبلي الحاكم يمتلك الرعية
لقد شغلوا شبابنا ولفترات طويلة بكل ما يبعدهم عن إدراك حال البلاد عن إشاعات الكلاب المتوحشة إلى تهويل للثراء عبر التنقيب عن العشوائي (المناقض لكل قوانين التنقيب عالميا) في أماكن عدة من السودان جعلت الشباب العطالى يخاطرون بحياتهم للحصول على بعض المال ولا يهم من يموت بلدغة العقارب والثعابين أو الاقتتال الوحشي بين المنقبين حيث تظهر الصفات الأنانية دونما مواربة وتجنى المحليات رسوما حتما سيسألهم الله عنها وفيما أنفقوها . ليس هذا فحسب بل أن طوابير حوالي أربعين أو خمسين ألف للحصول على وظيفة لخريجين مضت سنوات على تخرجهم ولم يجدوا بعد وظائف وبجنيهات لا تكفيهم لوجبة واحدة يوميا. وحتى نواب الاختصاصيين من الأطباء وصغارهم وبعد أن ضاقت بهم سبل العيش وحجب الرواتب مما استدعى تدخل رئيس الجمهورية لتعديل وضعهم وصرف استحقاقاتهم فأنهم قوبلوا بحفاوة وعدم إنصاف وتطوع احد كبار نقابة الأطباء المحسوبة على الحكومة قائلا أمن لا يعترف بالنقابة فليدخل الغابة تصوروا ويسال نفسه هذا الدكتور القيادي كم يحصل من مال في عيادته التي تفوق قيمة الكشف فيها معاش فرد الغالبية العظمى من شعبنا , والله لأكبرنا قوله لو كان هو ممن يسيرون في ركب الحكومة زاهدون في الجاه والمال وان يكون شعار(هي لله هي لله لا للسلطة ولا للجاه) والله لقلنا بعد الانتخابات أن الحال ربما سينصلح مع الصبر وحسن التخطيط ولكن ما شاهدناه من احتفالات بالعاب نارية و تهنئات صحفية للصحف الحكومية لهذا وذاك أصاب الشعب باليأس واللامبالاة ومن لا يصدق فليراجع مكتبات بيع الصحف وركود الصحف وعظم مرتجعاتها مما يدل على أن الشعب قال (شهرا ما ليك فيهو نفقة ما تعد أيامه). لقد أيقظ اقتراب ميعاد الاستفتاء بالجنوب النائمين والحالمين والمرفهين وبدءوا يتكلمون عن تكثيف العمل لخلق الوحدة الجاذبة بعد خمس سنين ونصف سنة وتبقى فقط نصف سنة واقل لاحتمال انفصال الجنوب والذي ورثوه جزءا لا يتجزأ من السودان الموحد بل والذي ادعى (معلمهم ومخطط انقلابهم) أن اتفاقية الميرغني تمثل خيانة وأيما خيانة لأنها تعنى – وقتها – فدرالية على الأكثر لا انفصالية حتمية اليوم. لقد ذكرنا هؤلاء القوم بقصة كتب دراسية – أيام الدراسة الحقة احسبها بالمرحلة الأولية أيامها – بسباق بين أرنب مغرور بسرعته وسلحفاة مدركة لقدرتها وحكمتها فبدا السباق الذي نام في معظم وقته الأرنب ليستفيق قبل انتهاء الوقت ليصل إلى نقطة النهاية بالسباق ولكن بعد أن فعل كل ما في وسعه لم يصل إلى نقطة النهاية وقد وجد السلحفاة قد تخطته ! وهذا أفضل تشبيه لحال بلادنا التي نسمع عن ما ينتظرنا من تنمية ومشاريع ليخرج علينا حمد ناعيا القطاع الصناعي ومبشرا بأفضل جنازة له وبموت القطاع الزراعي ويتراجع من حوالي 75% من الدخل القومي إلي اقل من 10% ونستورد اللبن الجاف وكانا اضرع حيواناتنا قد جفت كأضرع غلابا فقراء نسائنا حاملات الأطفال في الشوارع والقاذفات بهم في دور الرعاية.
في هذا الجو الكئيب تحمل لنا الأخبار ظنا منهم أنها ستفرحنا بانجاز تكون الحكومة وكأنما تكوينها هو الانجاز بعينه لا الطريق إلى الانجاز الفعلي وكان كله سيهون ولكن الكوميديا الإلهية كما سطر دانتى أو رسالة الغفران لأبى العلاء المعرى تشاء أن تحمل لنا الأنباء أن عدد الوزراء الاتحاديين خمس وثلاثون وعدد وزراء الدولة اثنان وأربعون!! تصوروا هذا الجيش العرمرم من الوزراء بنوعيهما كم سيحتاجون لسيارات وبدلات ومساكن ورواتب؟؟الله وحده يعلم كم ستكون وعلما بأنه في نظامنا الفيدرالي الحالي (الذي اعتبروه سابقا خيانة لا خيانة بعدها ) لكل ولاية واليها ووزرائه ومجالسه وأعوانه , ببساطة لا أظن أن كل دخل البلاد لو انفصل الجنوب وفقد الشمال 70% من البترول وتقريبا نفس النسبة من دخل الحكومة أقول انه بالكاد ربما يكفى إعالة هذا العدد الخيالي من اصد قاء وأحباء الحكومة.
لنتق الله في بلادنا ومالها ولنتحرر من أنانيتنا ودفعنا لمستحقات التأييد فتأييد ما أمرنا الله به أولى من إتباع شهواتنا وأطماعنا.
تم حجبها بواسطة الرقيب الامنى لمرتين