عزت السنهوري
عدد المساهمات : 437 تاريخ التسجيل : 01/07/2011
| موضوع: الموت خيار ، يختار الدرر - اللهُم أرحم اللواء هاشم أباسعيد وأكرمه في الفردوس الأعلى من الجنه الأحد أبريل 01, 2012 9:32 pm | |
| تمر قــُرابة الخمسة أعوام على رحيل قائدي واُستاذي وأخي الأكبر الشريف العفيف طاهر اليد واللسان المغفور له بإذن الله اللواء هاشم اباسعيد والذي تشرفت بالعمل تحت قيادته إبان عملى بجهاز أمن الدوله لقد كان رحمه الله كالنخيل عن الأحقاد والصغائِر مُرتفعاً - يُرمى بالحجر فيلقي أطيب الثمر . شهادتي في فقيد الوطن هاشم أباسعيد مجروحه فقد كان بمثابة أبي الروحي وله أفضال علي وعلى غيري ... ولذا سأكتفي بنقل المكتوب عنه أدناه سائلاً العلي القدير أن يرحمه ويُسكنه فسيح جناته وأن يُلهم آله وذويه ومعارفه الصبر والسُلوان - اقتباس :
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم في أربعين أبي الزهراء كتبت حتى أدمت يداي ... وبكيت وأدمعت عيناي ... فاليوم مالِ بنات الكنانة لا تطاوعني ... بل تطاولني ... وأنا الخابِّرُ لَبِناتها .. السابر لبنياتها! ببنانٍ يمتلك يراع لم يراعي ما أراه وأراعني .. لقد روعني خبره !؟ أوجعني وأفجعني .. استرق مسمعي .. إسترَّق مجمعي .. أرّق مضجعي .. أجج موجعي .. لقد إنحبست ذرافات أدمعي ... وانبجست زفرات أضلعي .. فصحت شاهقاً بأن لا حول ولا قوة إلا بالله الواحد الأحد .. الفرد الصمد .. وصحوت شاهداً بأن الموت حق .. وكأسه دوار .. ينقلنا من دار البوار إلى دار القرار ... والأخيار منا إلى جنة عرضها السموات والأرض .. فلقد كان منهم كيف لا وهو الذي ... اقتادته صحبة الأخيار ... ليقتات من دوحة الأبرار .. ففي "كركوج" تلاقت الأرواح في دورة الأفلاك .. وتلاقحت في دائرة الأملاك .. مع السادة الأشراف "عليهم رضوان الله وسلامه" فكان طموحاً في تلقيه .. جموحاً في ترقيه .. حتى أصبح معروفاً بينهم بأنه من أهل المنال والنوال... لقد كان من أهل التقى والنهى .. نقاء في السيرة .. تقاء في السريرة .. لذا دوماً تجده من أهل الصدارة والجدارة .. حيث لا يألوا جهداً في المسابقة والمسارعة إلى الخيرات .. وقضاء حوائج الآخرين دون ما كلل أو ملل ... لقد كان متفرداً في نسجه .. متجرداً من نفسه .. سارقاً لذاته .. مارقاً عن لذاته .. مستمسكاً بالعروة الوثقى .. مستسلماً لقدوته المثلى .. متـنسكاً في صومعة الإيمان .. بيقينٍ وتمكينٍ هو عين اليقين ... لقد استقوى بالتقوى على الغواية ... ولما استهوته طعمة الطغمة "السلطة" ما ضل صاحبكم وما غوى ... ما طغى ولا استغنى .. ولكن كبر وصلى.. ما تكبر ولا تجبر .. بل كان الرجل الهمام على حد قول الشيخ النحرير الشيخ البشير " طيب الله ثراه وجعل الجنة متقلبه ومثواه " ولكني أسميه رجل المهام .. فلقد كانت همته على قدر مهمته .. ويهتم فيما يهم ... فلقد كان عبداً صبوراً .. وأسداً هصوراً .. وسيداً حصورا ... لقد كان جواداً يجود بالجود والجدا .. وقد لا يجود الوجود بمثله ... لقد كان قِدْحُهُ مرفوعٌ وقَدَحهُ موضوعٌ ونائله مبذول .. لمحتاجٍ غير مذلول.. لقد كان شامخاً كالنخلة .. سامقةٌ باسقةٌ لها طلعٌ نضيد .. شكلها وليف .. أُكُلُهَا لطيف .. وظلها وريف .. تعطي ولا تسقط ورقها .. ( الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنّاً وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) فإذا ما قيل فاقد الشيء لا يعطيه .. فإنه كان يعطي الشيء حتى يفتقده ويفتقره .. لذا ما خاب ولا عاب .. ولكنه أصاب حين أجاب .. لقوله تعالى ( وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَتَثْبِيتاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) فما أصابه ظمأ ولا نصبٌ ولا مخمصة... لقد كان حكيماً حليماً .. شفيفاً شفيقاً .. يحن كما تحن أمٌ على وليدٍ وحيد. لقد كان من أحصنهم لساناً وصمتاً .. وأحسنهم بياناً وسمتا .. كان أكثر ما يعجب فيه صمته .. وإذا تحدث كان أكثر عجبا .. وأظنه ما قال لا قطٌ إلا في تشهده .. فكان صمته حديث .. وصوته صمتٌ .. ومابين صمته وصوته .. كانت تشدك إليه وتدهشك ابتسامته الراضية المرضية المطمئنة .. التي أكسبها الحياء حلية كمالٍ وكساها الصفاء حُـلّة جمالٍ فجمعت مابين خشوعٍ وهمس .. فحقيق علي أن أقول إنه مجمع البحرين وواسطة العقد .. وعنقود در الفراديس النفيس ... لقد كنت كثيراً ما أجالسه واستخلصه لنفسي واختلس منه الكثير .. الشهامة والشجاعة .. الجود والكرم .. السماحة والندى .. التحدي والتصدي .. العفة والرفعة .. الرفقة والسعة .. الحلم .. الصبر .. والكثير الوفير .. فإنه ينبوع ندى ومعين لا ينضب .. ولقد أوجز وأعجز الأستاذ محمد المكي إبراهيم حينما وصفه بزين الرجال الرزين .. وأشير وأشيد بالشيخ يحيى العوض الذي أثرى نشره ونثره الثر صحائف التاريخ.. ويشع نوراً ليشرق في ظلمات الدياجي والدياجر والليالي السود .. ولكن أخي الصباح لا ينبلج إلا بعد طُولِ وطَولَ عتمة الليل.. فحقاً إنك التوأم .. وقطعاً لقد رضعتما من ثديٍ واحدة .. فعذراً وشكراً لكل من أسهم بكلمة أو أدلى بدلوه .. في هذا البحر الخِضَم .. لقد كان شعبياً في وصاله ووصله .. كان لا يفرق بين كبيرٍ وصغير .. غني أو فقير .. كما كان دهرياً ورجل حبوب يحب أكل النعيمية والتقلية وملاح المفروم الأبيض .. ومن المشروبات الكركدي والعرديب والقنقليس "التبلدي" .. أما صدقت؟! يا آمنة .. يا وراثة الغرقان والفرقان .. فلقد كنت الحبيبة إلى نفسه .. إذ أهديتيه ولداً بعد أن ابتلاه الله بأن أسقطت زوجته وهي في شهرها السابع ذكراً .. فكفاك كُفي عن البكاء .. فقد تَبكِيني ولا أَبْكي بعده أحداً .. فقد كُفكِفت المآقي وجفت الأقاحي .. فلقاء الأحبة في الدار العامرة .. خيرٌ منه في دارٍ خربة تفرق بين رفيع ووضيع .. ووزير وخفير .. فكلهم من تراب وإلى تراب .. لقد تداعت عليه أيدي المنون .. وكأنه استخار واختار ذلك تأدباً .. بعد أن أكمل العمر النبوي تماماً وكمالاً .. فيا سبحان الله حتى في مماته كان غاية في التأديب .. وآية في التهذيب ... ثلاثٌ وستون عاماً كلها إخاء وإباء .. ورفاءٌ ووفاء .. عناءٌ وعطاء .. حياء .. صفاء .. راحٌ رحيبة نزيهة .. وروح مرحة لطيفة .. ورواحٌ وطلعة زاهية بهية .. لقد تداعت عليه كأمٍ شغوفٌ شفوق تُقبل وتُقَبِّل طفلاً غرير تهدهده في مهده.. تداعت عليه في دعة ورقة .. وَدَعَتْهُ .. وودّعته .. وأودعته راحلة الرحيل بلا حراك أو عراك .. بلا نزغٍ أو نزع .. فكان مماته نسك .. وختامه مسك .. أودعته راحلة الرحيل إلى مقيلٍ ونعيم مقيمٍ لا يحول ولا يزول .. رافلاً حافلاً بالحور والعين.. فإنه القنديل .. فأقدل يا مصطفى بين البوادي والحضر .. فأخوك بخيرٍ .. وعلى خيرٍ .. مع خير البرايا والبشر .. سيدنا وحبيبنا محمد "صلى الله عليه وسلم" .. والخطب جَلَلٌ جَلْجَلَ في الآفاق .. والمصيبة عظمى .. لجلجت الأعماق .. ولكن الله في عليائه أجلُ وأعظم .. وعزاؤنا أن ذكراك الطاهرة ظاهرة زاهية كالزهراء في غسق الدجى.. يا أبا الزهراء .. ولتنعم في علاك عالياً في أعلى العلا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وأسلافك الغر الميامين .. فأنت نورٌ تسلسل .. تسلل .. من نسل الأكرمين .. أنت نطفة الغرقان في بضعة الخواض.. فالخواض كراماته طافت الأرجاء .. فطفقت كل الأنحاء .. وطفحت بالكيل كيلٌ وزيادة .. وهو الجد من ناحية الأم .. أما جده لأبيه فهو الغرقان المكنى "بتوريك الحديد" فقد كان من أهل الوصال والكمال .. حتى أنه إذا أتى البحر سَحَراً .. فتلى آي من الذكر الحكيم .. تجد دابة الماء اشرأبت .. خاشعة خاضعة لذكر الله .. (وَخَشَعَت الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلا هَمْساً ) فإذا كان هذا حال آل بيته وعترته وأهل عبرته فالمولى عز وجل قال في محكم التنزيل (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) وإنا لله وإنا إليه راجعون وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
المفجوع الموجوع أخوكم عثمان أبا سعيد الحاج المدينة المنورة 14 رمضان 1428هـ الموافق : 25/9/2007م
----------------------------------------------------------------------- وكتب الاستاذ طارق محمد عمر :-
هاشم أبا سعيد قائد أسطول المخابرات البـدايـة والنهـاية يعد اللواء هاشم أبا سعيد الحاج أحد أكفأ قادة جهاز المخابرات السوداني منذ انشائه في العام 1821م ولم يكن ذلك من باب المصادفة ،فالبيئات التي شهدت طفولته وصباه وشبابه اكسبته نبل العلاقة وكريم الاخلاق وشهامة الرجال ومروءتهم ونجدتهم وشجاعة الفرسان، كما اكسبته الصبر والفراسة والذكاء وبعد النظر وحسم الامور والكرم والزهد والترفع عن الصغائر. ولد هاشم أبا سعيد بمدينة سنار في 1 يناير 1944م وتلقى تعليمه الاولي بمدينة شندي عرين المك نمر، فتفتحت عيناه على امة لا تدانيها الا الجيوش حين تدق طبول حربها وترفع جاهزيتها القتالية، فهناك الانضباط وسرعة الحركة والحزم والجدية والتعاون والروح الوثابة دوما للقتال، وبعد ان نهل هاشم من هذا النبع اقتضت ظروفه الدراسية الالتحاق بمدرسة بورتسودان الثانوية العليا وهي احدى المدارس التي كان يشار اليها بالبنان كمدرسة حنتوب وخور طقت ووادي سيدنا والمؤتمر الثانوية. ومن خلال دراسته هناك تعرف على الشرق واهله حماة ثغر البلاد ومنفذها البحري الوحيد، فتعلم منهم معرفة الناس واحوالهم واحتك بالجاليات الاجنبية المقيمة والعابرة، كما تعلم منهم اخذ الحيطة وامعان النظر وقوة الملاحظة ومراقبة الناس في حلهم وترحالهم والذكاء وحفظ الاسرار. ثم التحق هاشم ابا سعيد بمعهد المعلمين العالي فتعلم اسس تربية وتعليم النشء فاصبح معلما متميزا في مظهره واقواله وافعاله وعلاقاته الاجتماعية. وكغيره من الشباب السوداني الذي عاش في ظل الاستعمار البريطاني واحتك بحركات التحرر الوطني تأثر بالفكر الاشتراكي، واصبح عضوا في الحزب الشيوعي السوداني الذي كان عمله تحت الارض تفاديا لمطاردات الشرطة وتعقب رجالات الامن، فتعلم هاشم فنون العمل السري، وكان من ضمن الخلايا الاولى التي دفع بها الحزب لتكون جهاز الامن القومي عند تفجر ثورة 25 مايو 1969م وبعد اجتيازه الاختبارات الاولية تم الحاقه بالجهاز الامني الوليد، فسافر ضمن اول دفعه للاتحاد السوفيتي لدراسة علوم الجاسوسية ووسائل مكافحتها، وبعد عودته كان من اميز الضباط الذين ساهموا في تأسيس الجهاز واظهر نضجا معرفيا وعمليا لفت اليه نظر قادته. وبعد فشل الانقلاب الشيوعي في 22 يوليو 1971م انحاز هاشم ابا سعيد للمعسكر الحكومي وانهى صلته بالشيوعيين نتيجة لتصرفات بعضهم غير اللائقة ابان فترة الانقلاب حيث اعتدى بعضهم على زملائه في الجهاز وهددوهم بالسلاح وتوعدوهم بمصير مظلم، وحاول عدد من قادة الحزب الشيوعي وعلى رأسهم الاستاذ محمد ابراهيم نقد اقناعه بالاستقالة عن العمل في صفوف الجهاز والعودة للحزب الشيوعي ولكنه رفض وأصر على موقفه. وبتبدل موقف ثورة مايو من المعسكر الاشتراكي الشيوعي الى المعسكر الغربي الرأسمالي كان الضابط هاشم ابا سعيد ضمن الوفود الاولى التي زارت الولايات المتحدة الامريكية وتلقى تدريبات امنية على يد جهاز مخابراتها المركزية الـ C.I.A كما زار بريطانيا وتدرب في الـ M.16 كما تلقى دورات تدريبية في كل من المانيا وايطاليا وفرنسا، الشيء الذي جعله ملما بالعلوم الامنية والمهارات الاستخبارية. وبمرور الايام اصبح نجمه يتلألأ ضمن كوكبة متميزة من ضباط جهاز الامن القومي وتم اختياره قنصلا للسودان في بريطانيا منتصف سبعينات القرن الماضي فبرع في ادائه وذاع صيته في الوسط الامني وعلم بذلك رئيس الجمهورية وقتها اللواء جعفر محمد نميري وزاره في مكتبه بالسفارة السودانية ووقف على ادائه بنفسه فاقام هاشم وليمة عشاء على شرف الرئيس النميري. كما عمل هاشم قنصلا للسودان في دولة الامارات العربية وقدم كافة التسهيلات الداعمة لجهازها الامني وعمل على ربطه بجهاز الامن القومي. عرف هاشم بأنه رجل المهام في جهاز امن الدولة «وهو نتاج جهاز الامن القومي وجهاز الامن العام في العام 1978» حيث كلف بادارة العمل الاستخباري في الدول التي تحكمها انظمة مناوئة لنظام الحكم في السودان، فاظهر قدرا عاليا من الشجاعة والابداع في ادارة العمل الامني، وعندما عين هاشم ابا سعيد مديرا للامن بالاقليم الجنوبي اعد مع سلفه العميد/ محمد عبد العزيز مذكرة تسليم وتسلم اضحت مرجعا للدراسة في المعاهد الامنية. وعندما استمر ضغط الاحزاب العقائدية السودانية على نظام النميري تم استدعاء العقيد هاشم ابا سعيد الذي كان يعمل مديرا للامن في الاقليم الجنوبي ليمسك بملف تلك الاحزاب ومن بينها الاخوان المسلمون والحزب الشيوعي وحزب البعث، فاستطاع احداث اختراقات امنية في صفوفها ولكن دعم الولايات المتحدة والغرب للحركة السياسية المعارضة للحكومة السودانية عجل بانهيار النظام عبر انتفاضة ابريل 1985م فتم وضع العقيد هاشم ابا سعيد ضمن زملائه في سجن كوبر ولم تتمكن لجان التحقيق من ادانته في مثقال ذرة من جرم اتهم باقترافه. وعندما اطلق سراح الضباط المعتقلين سافر هاشم الى دولة الامارات العربية وعمل في جهازها الامني وبعدها انتقل للعمل مستشارا امنيا في جهاز مخابرات دولة قطر فأبلى بلاء حسنا وافاد الحكومة القطرية ايما افادة، وبعد وقوع انقلاب ثورة الانقاذ الوطني في 30 يونيو 1989م ادرك الاسلاميون وجود فراغ استخباري واداري هائل في جهاز امن السودان فارسلوا الوفود في طلب هاشم ابا سعيد واقنعوه بالعودة للسودان والمساهمة في بناء جهاز الامن، وبالفعل استجاب لطلبهم وأهل على البلاد كالبدر في تمامه علما وتجربة وثقافة ودراية امنية وعسكرية وادارية مصحوبة بشخصية قوية وجذابة في آن واحد. وفي وقت وجيز اصبح هاشم ابا سعيد هو القائد الفعلي والمحرك الاساسي لجهاز الامن، حيث عمل على تنظيم وتدريب صفوفه البشرية، وطبق نظما ادارية لم يعرفها الجهاز من قبل، وفتح آفاق التعاون بين السودان «المحاصر وقتها» ومعظم دول العالم. أدار هاشم الجهاز الامني باقتدار وشفافية وعدل وجدية وصرامة، واستفادة من الكم الهائل من اصدقائه ومعارفه داخل وخارج السودان في ادارة العملية الامنية، فاصبح اسم الجهاز على كل لسان حتى ان اذاعة لندن بثت تعليقا لمسؤول امني بريطاني كبير اشار فيه الى ان جهاز الامن السوداني اصبح احد أكفأ الاجهزة الامنية في الشرق الأوسط. قاد اللواء هاشم أبا سعيد العديد من الوفود السودانية للخارج فكان مثالا للمفاوض الناجح ورمزا للوطنية الحقة، وكان يحرص على تشكيل كل وفد من اهل الاختصاص، ويشرف عليه في مأكله وملبسه وحله وترحاله واجندته التفاوضية، وكان يستقبل الوفود العربية والاسلامية والاجنبية الزائرة للسودان بكل حفاوة وكرم اصيل وينتقي خيرة الضباط للاشراف عليها وحمايتها. كان يقضي معظم ساعات اليوم داخل مكتبه فمنذ ان يلجه في الصباح يظل منهمكا في ادارة العملية الامنية تخطيطا وتوجيها وتحليلا وتقييما وتوصيات، ولا يغادره الا لضرورة قصوى لوقت وجيز يعود بعده ليواصل مهامه حتى الساعات الاولى من صباح اليوم التالي. عرف عن هاشم اطالته للصلاة وتلاوته القرآن وكثرة تسبيحه، فمنذ منتصف سبعينات القرن الماضي اخذ في التصوف على يد اشراف كركوج فامتزجت روحه بارواحهم فاثمرت علاقة دينية سامية موصولة بالله عز وجل. حبا الله هاشم بزوجة صالحة وقفت الى جواره في عسره ويسره وشاركته في تربية اطفاله وكان لها القدح المعلى في ذلك كيف لا وهي بنت الأكارم والاصول «ووراء كل عظيم امرأة» ووهبها الله ثلة من البنات احسنا تربيتهن وتعليمهن وتزويج ثلاثة منهن «وهذا من شروط دخول الجنة». لقي هاشم ربه يوم السبت 18/8/2007 في منزله بالعاصمة البريطانية لندن اثر نوبة قلبية حادة وكانت معاناته مع مرض القلب قد امتدت زهاء العقدين من الزمان قابلها بصبر وجلد وتسليم بأمر الله، وتم تشييع جثمانه الى مثواه الاخير بمقابر فاروق بالخرطوم يوم الثلاثاء 21/8/2007م وحضر مراسم الدفن لفيف من زملائه بجهازي الامن القومي وأمن الدولة وقادة اجهزة الامن السابقين وعدد من كبار ضباط جهاز الامن الوطني والمخابرات ووزير الدولة بالطيران المدني ووكيل وزارة الخارجية ونفر كريم من السادة السفراء وأهله واصدقاؤه وتلامذته، وتقدم الجمع في الصلاة وخطبة الوداع مشايخه اشراف كركوج. فالله نسأل ان يسكنه فسيح جناته مع الصالحين والمرسلين والنبيين والشهداء وما ذلك على الله بعزيز ونتضرع للمولى عز وجل ان يحفظ اسرته الكريمة وان يبارك في ذريته واخوانه واهله وتلامذته واصدقائه ومعارفه.
| |
|
صديق زائر
| موضوع: رد: الموت خيار ، يختار الدرر - اللهُم أرحم اللواء هاشم أباسعيد وأكرمه في الفردوس الأعلى من الجنه السبت يوليو 07, 2012 7:11 am | |
| اللهُم يا رحمن يا غفار يا كريم - أرحم هاشم أباسعيد وأغفر له وأكرمه في الفردوس الأعلى الللهُم آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآمين |
|